برنامج "لحظة الحقيقة": السقف العالي والدخول في الخصوصيات الضيقة

يثير البرنامج الأميركي "لحظة الحقيقة" الذي بدأت قناة (4mbc) ببثه ضجة كبيرة، وهو البرنامج نفسه الذي يثير جدلا واسعا في الولايات المتحدة الأميركية هذا العام.
يقوم البرنامج على ربط الضيف بجهاز كاشف للكذب، ومن ثم تطرح عليه أسئلة شديدة الخصوصية، وفي حضور مقربين منه.
المتسابق الجريء سيضطر إلى الإجابة "بصدق" على21 سؤالا محرجا على نمط: هل سرقت يوما ما مالا من أهلك؟ هل تتابع المجلات الإباحية؟ هل خنت زوجتك؟، وذلك من أجل الفوز بجائزة البرنامج التي تقدر بنصف مليون دولار.
"شدني هذا البرنامج كثيرا"، يقول مهند مصباح.
ولا يستطيع مهند(27عاما) الموظف في إحدى الشركات التجارية، إنكار أن السقف العالي والدخول في الخصوصيات الضيقة هما ما أهلا البرنامج لنيل شعبية عالية، "لا شك أنه الفضول الفطري الموجود لدى جميع البشر لمعرفة أسرار غيرهم وخصوصياتهم".
ويتحدث عن التشويق الكبير الموجود في البرنامج بسبب رد فعل الأهل والأصدقاء عند معرفة حقائق وأسرار موجودة في حياة الصديق أو الزوجة أو الأخ أو الابن أو الأم، لافتا إلى أنهم كانوا يعيشون مع هذه الحقائق من دون أن يعرفوا عنها شيئا، "ربما أتابعة لأن كل شخص يجلس على هذا الكرسي تكون حياته في حد ذاتها مسلسلا ممتعا".
أما سناء الشرع (20 عاما) طالبة في جامعة اليرموك، ترفض فكرة البرنامج قطعيا، وتستخف بكل المشاركين فيه.
وتضيف أنها كثيرا ما جلست تفكر فيما إذا أصبح الإنسان عبدا للمال إلى هذه الدرجة، ليضحي بسمعته وعائلته وزواجه واستقراره، عدا عن القيم الجميلة التي ترعرع عليها مقابل المال!.
في حين يرى تاجر الأقمشة مازن عمران (29عاما) أن فكرة البرنامج "رائعة ومشجعة لكي يعيش الشخص مرتاح البال".
ويضيف أن "البرنامج هادف لإصلاح المجتمع ولإبعادنا عن الكذب، والتصالح مع الذات ومع من حولنا".
ويتساءل:"لماذا يعيش الشخص مع زوجته وهو غير مرتاح معها؟ ولماذا لا يصارح أهله بما يزعجه منهم".
ويستغرب مازن من آراء الناس المستخفة بالتفكير المادي الذي يحصله الشخص من خلال اشتراكه في البرنامج، "المال مسألة ضرورية، ومن غيره فالحياة مستحيلة". ويضيف "من خلال هذا البرنامج تربح المال وراحة البال، وتكون صادقا مع نفسك ومع من حولك".
ويعبر مازن عن مدى رغبته في المشاركة في البرنامج في حال البدء ببثه عربيا.
الإعلامي الزميل هاني البدري يرى أن فكرة هذا البرنامج "تتوج الخراب الذي أعلنه تلفزيون الواقع على مجتمعنا العربي".
ويبين أن مثل هذه البرامج يعد "مرض سرطان يدخل في حياتنا ويغير مسارها نحو الأسوأ".
ويبدي البدري استياءه عن فكرة تعريب البرنامج، حيث يعد عدم تعريبه المسمار الأخير في نعش أي إمكانية لإصلاح الشباب العربي، والاحتفاظ بقيم نشأنا عليها، ككتمان السر وخصوصية العلاقات الأسرية.
ويأسف البدري لمثل هذه البرامج التي تلقى في البداية الترحيب والمشاهدة الضخمة من الجمهور، وذلك لحداثتها ولكشف ماهيتها، غير أنه يؤكد انه "نجاح مؤقت ذلك الذي تصنعه"، كغيرها من البرامج التي "تهدف في حقيقتها إلى الربح المادي والى تدمير عقول وأخلاق أبنائنا".
أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية د.حسين خزاعي يرى أن للبرنامج آثارا ايجابية على المجتمعات، خصوصا فيما يتعلق بمفهوم الصدق.
ويضيف أن الصدق أصبح مجرد شعارات يترنم بها الشخص الذي يزعم بأنه صادق، وفي الوقت نفسه هناك رجال يرددون مقولة "الكذب ملح الرجال"، ويتباهون بكثرة أكاذيبهم.
يفضل خزاعي ان يبدأ بث البرنامج "لإيجاد الخوف في أنفسنا ولمعرفة أن الأمور الخاطئة التي نفعلها من الممكن أن تكشف"
ويشير إلى أن الخوف يؤثر ايجابيا في تعزيز الناحية السلبية في حياة الشخص، مؤكدا ان النتائج الإيجابية لمثل تلك البرامج تظهر لاحقا على السلوك الاجتماعي.
"برنامج رغم الجدل الكبير والمشاهدة له على كونه برنامجا أميركيا، إلا انه لن ينجح في حين تعريبه" تقول دلال الخوالدة موظفة في إحدى شركات الأدوية، لرأيها أن البرنامج بعيد كل البعد عن المبادئ العربية والإسلامية.
وترى ان هدف البرنامج تدمير القيم الجميلة والعلاقات الاجتماعية، التي بناها الشخص طيلة حياته.