فلنترك الدرع للأهلي ونستحدث أخر للوصيف

بعد انحصار المنافسة على المركز الثاني
فلنترك الدرع للأهلي ونستحدث أخر للوصيف

محيط ــ هيثم هلال




لم تعد المنافسة على لقب الدوري المصري هو الشاغل لجماهير كرة القدم المصرية علي مدار تاريخ البطولة الممتد لنصف قرن من الزمان بعد أن بسط النادي الأهلي سطوته المطلقة علي البطولة بدون منافس، بعدما نجح في حسم اللقب لصالحه في 33 مناسبة من أصل 52 بطولة، بما يمثل ضعف عدد الألقاب التي توجت بها باقي الأندية المصرية مجتمعة بما فيها القطب الثاني للكرة المصرية الزمالك الذي اتخذ من الوصافة موقعا مفضلا له علي مدار عمر البطولة، وأصبح الصراع علي المركز الثاني هو مثار الاهتمام ومحل النزاع الجماهيري بعد أن فقدوا الأمل في درع البطولة.

وبعيدا عن الأرقام التاريخية وما تمثلها من واقع مؤلم لكرة القدم في أرض مصر التي تعيش منذ نشأتها عصر القطب الأوحد الذي لم يفلت من بين يديه سوي 19 لقب لبطولة الدوري بنسبة تتجاوز 63 %، فأن الأعوام الأربع الأخيرة من عمر المسابقة رسخت في أذهان متابعي كرة القدم المصرية أن المنافسة لم تعد علي المركز الأول أو محاولة مناطحة فارسه، وإنما أصبحت علي المركز الثاني ونيل شرف الوصافة.

وما ساعد علي تأصيل هذه الفكرة في تلك الفترة ما يحمله المركز الثاني من مكافأة لصاحبه بالمشاركة في مسابقة دوري رابطة الأبطال الأفريقي ذات البريق الياباني حيث التأهل من خلالها إلي البوابة العالمية والمشاركة في كأس العالم للأندية، فاشتعل الصراع عليه بعد أن ترك الجميع اللقب لصاحبه، وزاد التنافس وأصبحنا نري صراع ثلاثي علي لقب الوصيف وقد يصبح رباعي في بعض الأحيان، حتي باتت المتعة كل المتعة في متابعة مباريات الباحثين عن المركز الثاني، وليس في متابعة مباراة البطل التي تكون في الغالب محسومة قبل انطلاقها حتي وإن كان الأهلي في أسوء حالته الفنية والبدنية.




وعلى خلاف بطولات الدوري التي تشهدها دول العالم بقاراته الستة، ينفرد الدوري المصري بظاهرة فريدة حيث يتحدد أسم البطل من الدور الأول للمسابقة بنسبة تتجاوز الـ70 % عند الخبراء و90 % عند الجمهور، ويتأكد أسمه قبل النهاية بما يزيد عن الخمس جولات، ليجد المتفرج متعته في متابعة صراعي الوصافة والهبوط والذي ينفرد فيه الدوري المصري كذلك بظاهرة أخري، حيث يتصارع أكثر من نصف فرق المسابقة علي النجاة من شبح السقوط إلي الدرجة الآدني.

وأصبح الدوري المصري في أعوامه الأخيرة هو دوري الظواهر والعجائب والطرائف، بداية من إقامة المباراة وسط مدرجات خاوية علي عروشها طوال الموسم تقريبا في ظاهرة بلا مبررات ولا تفسير اللهم إلا غياب المنافسة الحقيقية، مرورا بتحوله إلي دوري شركات بوجود 9 فرق تابعة لهيئات ومؤسسات وشركات، ولكل أكثر تلك الظواهر طرافة أن يستضيف فريق المصرية للاتصالات فريق المقاولين بملعب المقاولين وهو أمر تكرر كثير في ظل عدم امتلاك نصف فرق المسابقة لملعب خاص لإقامة المباريات بما فيها قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك.




وبداية من موسم 2004/2005 وهو العام الذي استعاد فيه الأهلي لقب الدوري بعد غياب أربعة أعوام، وسجل خلاله موسما قياسيا علي كافة الأرقام والمسابقات، تفرغت الفرق المصرية للبحث عن المركز الثاني، بعد أن سجل الأهلي رقمه الأبرز في المسابقة والمتمثل في تتويجه باللقب بفارق 31 نقطة عن أقرب ملاحقيه نادي أنبي وهو رقم قياسي بكل المقاييس والمعايير، وبفارق 38 نقطة عن غريمه التقليدي الزمالك وهو فارق "شاسع" لم يحدث في تاريخ المسابقة، وهو ما يعكس شكل المنافسة في هذا الموسم، حيث احتدمت علي الوصافة بين انبي وحرس الحدود والإسماعيلي.

وفي موسم 2005/2006 استعاد الزمالك بريقه المفقود في الموسم المنصرم وبسط نفوذه علي المركز الثاني بدون منافس ولا منازع بفارق 12 نقطة كاملة عن ملاحقة المباشر فريق انبي، بعد أن ترك اللقب طواعية للأهلي بفارق 14 نقطة، في موسم لم يشهد أي نوع من المنافسة في مراكزه الأولي وترك المنافسة ملتهبة في القاع كما هي العادة بين نصف فرق المسابقة.

وعلي الرغم من هبوط مستوي الفريق الأحمر في موسم 2006/2007عن الموسمين السابقين والذي أنهاهما بدون هزيمة، إلا أن أحد لم يستفد من هذا الهبوط وذهب اللقب إلي قلعة الجزيرة قبل النهاية بأربعة جولات، ولكنه اختلف هذا الموسم عن سابقه في صراع المركز الثاني الذي شهد صراع ثنائي عنيف بين الزمالك والأسماعيلي حتي النفس الأخير من عمر المسابقة حتي حسمه الزمالك لصالحه بفارق نقطة واحدة.



الزمالك والاسماعيلي صراع دائم علي الوصافة
ولم يذهب الموسم الجاري 2007/2008 بعيدا بأحداثه ونتائجه ومنافساته عن سابقيه، فذهب الدوري للأهلي قبل النهاية بخمس جولات بفارق كبير من النقاط ، وبقي الصراع علي المركز الثاني ثنائي بين الزمالك والإسماعيلي بعد خروج طلائع الجيش من السباق قبل جولة واحدة من نهايته، إذ يتفوق الأخير بفارق الأهداف عن الفريق الأبيض الذي يسعى للحفاظ على مركزه المفضل للعام الثاني على التوالي.

ولكن يبقي التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة علي واقع الكرة المصرية هل أصبح التنافس علي المركز الثاني كافي لعودة الجماهير إلي المدرجات، وهل يملك إعادة الدوري المصري إلي سابق عهده كواحد من أقوي المسابقات العربية، وهل يمكن أن يستحدث مسئولو اتحاد الكرة المصري درع أو كأس خاصة لصاحب المركز الثاني بعد أن أصبح هو المقصد والغاية؟!

مشكوورة أختي